وفي 6 أغسطس\آب عام 1945، ألقت الولايات المتحدة قنبلة ذرية على هيروشيما في اليابان، وفي اليومين اللاحقة أعلن الاتحاد السوفيتي الحرب على اليابان ليغزو بعدها منشوريا Manchuria وتتمركز القوات السوفيتية عند ثلاث نقاط على طول ساحل كوريا الشمالية، ثم في 15 أغسطس أعلن الإمبراطور هيروهيتو استسلام بعد القصف الذري على ناغازاكي اليابان منهيًا بذلك الحرب العالمية الثانية. قبل خمسة أيام فقط من استسلام اليابان، تم تكليف المسئولين الأمريكيين دين راسك Dean Ruskوتشارلز بونستيلCharles Bonesteel بتحديد منطقة الاحتلال الأمريكية في شرق آسيا. وبدون استشارة الكوريين، قرروا بشكل تعسفي قطع كوريا بالنصف تقريبًا على طول خط العرض 38، مما يضمن أن تكون العاصمة سيول في القسم الأمريكي، وبهذا تم اختيار حل روسك وبونستيل ضمن المبادئ التوجيهية الأمريكية لإدارة اليابان في أعقاب الحرب. استسلمت القوات اليابانية في كوريا الشمالية إلى السوفييت، في حين استسلم من في كوريا الجنوبية للأميركيين، وعلى الرغم من أنّ الأحزاب السياسية في كوريا الجنوبية سرعان ما تشكلت وقدمت مرشحيها وخططها لتشكيل حكومة في سيول، إلا أنّ الإدارة العسكرية الأمريكية كانت تخشى من الميول اليسارية للعديد من المرشحين، كما كان من المفترض أن يقوم المسؤولون الموثوقون من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بالتنظيم لإجراء انتخابات على مستوى الأمة لإعادة توحيد كوريا في عام 1948، لكن أيًا من الطرفين لم يثق في الآخر، فقد أرادت الولايات المتحدة أن تكون شبه الجزيرة بأكملها ديمقراطية ورأسمالية، في حين أراد السوفييت أن يكون الجزأين شيوعيين.
كوريا بعد الحرب العالمية الثانية تبدأ هذه القصة مع الغزو الياباني لكوريا في نهاية القرن التاسع عشر ، وضمت إمبراطورية اليابان رسميا شبه الجزيرة الكورية في عام 1910، وقد أدارت البلاد عبر أباطرة الدمى منذ فوزها عام 1895 في الحرب الصينية اليابانية الأولى، وهكذا من عام 1910 حتى عام 1945 كانت كوريا مستعمرة يابانية، ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية من نهايتها في عام 1945 أصبح من الواضح لقوات الحلفاء أنه سيتعين عليهم تولي إدارة الأراضي اليابانية المحتلة، بما في ذلك كوريا إلى أن يتم تنظيم الانتخابات وتشكيل الحكومات المحلية، وعرفت الحكومة الأمريكية أنها ستدير الفلبين وكذلك اليابان نفسها. لذلك كانت مترددة في تولي وصاية كوريا أيضا، ولسوء الحظ لم تكن كوريا مجرد أولوية عالية جدا بالنسبة للولايات المتحدة، وكان السوفييت من ناحية أخرى أكثر من استعدادا للتدخل والسيطرة على الأراضي التي تخلت حكومة القيصر عن مطالبتها بها بعد الحرب الروسية اليابانية 1904-1905، وفي 6 أغسطس 1945 أسقطت الولايات المتحدة قنبلة ذرية على هيروشيما اليابان، وبعد يومين أعلن الاتحاد السوفيتي الحرب على اليابان وغزت منشوريا، كما هبطت القوات البرمائية السوفيتية في ثلاث نقاط على طول ساحل كوريا الشمالية، وأعلن الإمبراطور هيروهيتو يوم 15 أغسطس، بعد القصف الذري لناغازاكي، استسلام اليابان منهيا الحرب العالمية الثانية.
أما عن القوتين اللتان تسببتا في كل هذا الدمار، فلم تحتاج لأكثر من عامين لتجدا مسرحاً آخرً ودماء جديدة تتصارع بها للعشرين عام القادمة وكانت الضحية، فيتنام. اقرأ: إذا الشعب يومًا أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر الجهة المقابلة ظلت الكوريتان تحلمان بإعادة توحيد البلاد لفترة طويلة، وقامت كوريا الشمالية بعدة محاولات بعد انتهاء الحرب لتحقيق هذا الحلم، فحاولت اغتيال الرئيس الكوري الجنوبي مرات عدة ولم تنجح، وفي عام 2009 أعلنت عن بدئها برنامج تخصيب اليورانيوم، ومنذ ذلك الحين وهي تهدد به عدوها الأول أميركا. وفي الجهة المقابلة دونالد ترامب ليس أول رئيس أمريكي يفكر في ضرب كوريا الشمالية، لأنها تشكل خطر حقيقي على أمريكا، فهي لاتزال ترى أنها في حالة حرب، ومنذ وقف إطلاق النار وهي تعد جيشها لاستكمالها. ولكن ما يجعل كل رئيس أمريكي يتراجع عن هذه الفكرة هو عدم معرفتهم الدقيقة بإمكانياتها الحربية، وتيقنهم من دعم حليفها الصيني لها. وفي تلك الأثناء زهدت جارتها الجنوبية في هذا الحلم عندما انشغلت بالإصلاحات الداخلية والتطور الاقتصادي، واليوم يعد اقتصاد كوريا الجنوبية من أقوى عشرين اقتصاد حول العالم، وهذا بسبب سياساتها الاقتصادية كالانفتاح على العالم وتطوير الصناعة.
وفي النهاية عينت الولايات المتحدة القائد المناهض للشيوعية سينغمان ري Syngman Rhee لحكم كوريا الجنوبية، حيث أعلن الجنوب نفسه كبلد في مايو عام 1948، وتم تنصيب سينغمان رسميًا كأول رئيس في أغسطس، ليبدأ بعدها فورًا شن حرب منخفضة المستوى ضد الشيوعيين واليساريين الآخرين في الجنوب. في هذه الأثناء عين السوفييت كيم إيل سونغ الذي خدم خلال الحرب كقائد في الجيش الأحمر السوفييتي كزعيم جديد لمنطقة احتلالهم، ليتولى منصبه رسميًا في 9 سبتمبر 1948 وليبدأ بعدها في سحق المعارضة السياسية وخاصةً الرأسماليين، وليقوم أيضًا بإنشاء بناء لعبادة شخصيته، وبحلول عام 1949 كانت تماثيل كيم إيل سونغ تتشكل في كل أنحاء كوريا الشمالية، كما أطلق على نفسه لقب "القائد العظيم". وفي عام 1950 قرر كيم إيل سونغ Kim Il-sung بمحاولة إعادة توحيد كوريا في ظل الحكم الشيوعي، حيث باشر بغزو كوريا الجنوبية، ليتحول ذلك إلى حرب كورية استمرت لثلاث سنوات قتلت أكثر من 3 ملايين كوري، وفي النهاية عادت كل من الدولتين من حيث بدأت مقسمة إلى نفس الجزأين. وهكذا أدى قرار متسرع صادر عن مسؤولين حكوميين من الولايات المتحدة في حرارة وارتباك الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية إلى خلق خليعين منفصلين بشكل دائم، ولا يزال التقسيم العرضي لكوريا الشمالية والجنوبية يرعب ويطارد العالم، ولا تزال حدود الـ38 أكثر الحدود توترًا على الأرض.
دولتان متعارضتي الأيديولوجيات قامت الدول الكبرى بتقسيم الأراضي التي استولت عليها اليابان فيما بينها، فاستعادت الصين أراضيها، واحتلت فرنسا ما كان يسمى بالهند الصينية، وكانت اندونيسيا من نصيب هولندا. أما كوريا فقُسمت بين كل من الولايات المتحدة في الجزء الجنوبي والاتحاد السوفيتي في الجزء الشمالي. كان من المفترض أن يكون هذا التقسيم كنوع من الوصاية المؤقتة إلى أن يتم تشكيل حكومة كورية واحدة. لكن طبيعة العلاقة الأمريكية السوفيتية كانت قد بدأت بأخذ منحنى جديد، بسبب اختلاف رؤيتهما لإعادة بناء العالم بعد الدمار الذي أحدثته الحرب العالمية الثانية. وبدلاً من أن تقوم بينهما حرب مباشرة لا يستطيع الطرفان تحمل تبعاتها، ظهر ما يعرف بالحرب الباردة والتي تمثلت في التمدد الشيوعي حول العالم والمحاولات الأمريكية لمحاصرته والتصدي له. ولذلك قام كل طرف بدعم حكومة موالية لتوجهه السياسي، ففي الشمال، دعم الاتحاد السوفيتي الشيوعية، وفي الجنوب دعمت أميركا المعاديين للشيوعية والمنتمين للمعسكر الغربي. ما جعل تشكيل حكومة واحدة أمرًا مستحيلاً، فرفعت أميركا الشأن للأمم المتحدة والتي بدورها أقامت انتخابات عامة في الجنوب عام 1948 ولكن الجزء الشمالي امتنع عن المشاركة فيها، وبذلك أقيمت دولتين متعارضتي الأيديولوجيات وخرجت القوات المحتلة الأمريكية والتابعة للإتحاد السوفيتي منهما.
بدأت القصة مع استسلام اليابان لقوى التحالف في الحرب العالمية الثانية، بعد مأساة مدينتي هيروشيما وناغازاكي الشهيرة. ما دخل اليابان؟ حسنًا ربما علينا العودة للخلف أكثر. استسلام اليابان طمحت اليابان لاتساع رقعتها واستخلاف نموذج الإستعمار الغربي في الشرق الأقصى قبل الحرب العالمية الأولى، وهو السبب الذي جعل اليابان تشارك في تلك الحرب. وقبل دخولها في الحرب العالمية الثانية، كانت الإمبراطورية اليابانية قد سيطرت على أجزاء كثيرة من المناطق المجاورة لها كمنشوريا وتايوان وبالطبع كوريا. واستمرت بالتوسع إلى أن غزت الصين وسيطرت على الساحل الشرقي الصيني، وهذا ما لم تقبله الولايات المتحدة وحلفائها فقرروا وضع حد لتمدد اليابان، بمقاطعتها اقتصادياً وإيقاف إمدادها بالنفط إلى أن تتراجع عن الأراضي الصينية. الأمر الذي أغضب الإمبراطورية اليابانية، فلم تتردد في ضرب إحدى قواعد البحرية الأمريكية بدون إعلان الحرب حتى. ثم غزت دول جنوب آسيا للسيطرة على النفط الإندونيسي، ومن هنا بدأ صراعها مع الولايات المتحدة والتي انضم إلى صفها قوى كبرى كالإتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة وما تبقى من الصين. واستمر هذا الصراع لأربعة أعوام إلى أن انتهى حين توقفنا سابقاً… باستسلام اليابان.
كما أنها تقف في مصاف الدول المتقدمة في كثير من المجالات كالتعليم والتقنية والطاقة. أما عن الحياة داخل كوريا الشمالية فأفضل من قد يخبركم عنها هو إبراهيم سرحان الذي زارها بنفسه، وبإمكانكم بعد مشاهدة تجربته، الاستماع للمقابلة التي أجريناها معه في بودكاست فنجان. النشرة السريّة اشترك لتصلك رسالة أسبوعية فيها ملخص الأسبوع، على طريقة ثمانية لن نستخدم بريدك خارج نطاق النشرة إطلاقًا
aetycacademy.net, 2024 | Sitemap